الرد على اسئلة القراء

عدم القدرة على اتخاذ القرار


  • رقم المجموعة : 1090 تاريخ النشر : 2013-01-05
  • إعداد : الاستاذ ايهاب سعيد وظيفة المعد : اخصائي نفسي
  • المشرف : د.محمود ابو العزائم وظيفة المشرف : مستشار الطب النفسى

السلام عليكم
 معكم شاب مغربي مشكلتي أني أعاني من عدم القدرة على اتخاذ القرار في الأمور العادية سواء كانت أقوالا أو أفعالا مثلا يؤذن المؤذن ولا أكون متوضئا في هاته الحالة أتردد بين شيئين هل أصلي في المنزل أو المسجد لأنني لا أعلم هل أدرك الصلاة إدا ذهبت إلى المسجد أم لا مثلا إني أكتب فأتردد هل أكتب هذه الفكرة أم الأخرى إلى درجة أني لا أستطيع ترجيح إحداهما على الأخرى وقس على ذلك, مسألة ثانية أن فكري يردد علي ماقلته وفعلته في الماضي بشكل دائم وهذا يسبب لي الحزن والخجل وفقد التركيز وانعدام الشهية ,,, المسألة الثالثة عندما أكون في غيرالمدينة التي أقطن فيها أقوم بالمقارنة بينها وبين الأخرى في الأشخاص ومدى تفاوتهم في الأمور الإجابية كالشجاعة والجرأة وأالثقافة والعلم والأمور السلبية كالجبن والخجل من دون إرادة لي ولا اختيار.ذهني يتشتت في الأمكنة والأزمنة والأفكار تشتتا أعجز عن إعادته إلى طبيعته, في الحقيقة لا أستطيع أن أتذكر كل شيء عن حالتي حتى أذكره ولا أعرف أهذا جزء من المرض أم لا, وأخيرا أحيطكم علما أن مرضي صاحبني لعدة سنوات كان في الوهلة الأولى عبارة عن خجل إلى أن تطور إلى هاته الدرجة ذهبت إلى أطباء نفسانيين لاكن دون جدوى سمعت عن الصدمات الكهربائية والصدمات المغناطيسية ماجدواهما, تعبت كثيرا وأثر علي هذا المرض وقلب حياتي رأسا على عقب مع الأصدقاء والأقرباء وأعاقني عن دراستي ألتمس منكم أن ترشدوني إلى الحل وشكرا,
الأخ الفاضل
نسأل الله تعالى أن يُزيل همك، وأن يكشف كربك، وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه. 
من الرسالة التي أرسلتها يتضح أنك تعانى من  القلق النفسى والشعور بعدم القدرة على اتخاذ القرار في الأمور العادية سواء كانت أقوالا أو أفعالا
وهنا نقول ان تفسير عدم القدرة على اتخاذ القرار يرجع الى عدة عوامل منها:
(أ‌) الاضطراب والخوف من اتخاذ أي موقف.
(ب‌) التردد في اتخاذ القرار ولو كان يسيرًا.
(ج‌) ظنك بنفسك أنك على خطأ في أغلب ما تقومين به.
وهذه الأمور الثلاثة يمكن تفسيرها وردها إلى سبب واحد فقط! وهذا السبب هو القلق.. فخوفك واضطراب نفسك راجع إلى شعورك بالقلق، فأنت لديك قلق يتحرك من داخلك يجعلك خائف من النتائج المتوقعة خائف أن يترتب على قرارك الأضرار والمساوئ التي لا تحب وقوعها، وكذلك ترددك هو راجع إلى هذا القلق، فإن ترددك هو النتيجة العادية لما تجده من هذا الاضطراب في نفسك، وكذلك ظنك أنك دائمًا أو غالبًا على خطأ فهذا راجع إلى قلقك أن تكون قد أخطأت فحصل لك عدم ثقة في نفسك.
إذن فأساس هذه المعاناة هو القلق، وهذا له أسبابه القديمة التي قد يكون مرجعها هو طبيعة التنشئة التي نشأتها في أسرتك أو في محيطك الاجتماعي، فإن كثيرًا من هذه الحالات يكون مرجعها إلى أسباب تربوية نشأت منذ الطفولة وغرست في النفس عدم الثقة والاضطراب والقلق، وهذا قد يكون بسبب المعاملة وأسلوب التربية، وقد يكون بسبب أحداث مرت في حياتك فأنتجت هذا الشعور، وقد يكون ذلك أيضًا بسبب شعورك بعدم التوفيق في أمر مهم جدًّا بالنسبة لك.
ومع هذا فأنت بإذن الله تعالى قادر على الخروج من كل ما تعانيه، فالمطلوب منك خطوات سهلة ميسورة لتجد أن بإمكانك بإذن الله تعالى أن تخرج من كل هذه المعاناة:
1- أول ما يتجه إليه نظرك هو الاستعانة بالله تعالى، فالمطلوب منك توكل على الله وتضرع إليه ليأخذ بيدك ويعينك على الخروج من كل ما تعانينه؛ وقد قال تعالى: { ومن يتوكل على الله فهو حسبه }.
فافزع إلى الله واضطر لرحمته لتجد مصداق قوله تعالى: { أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء }، واجعل من دعاءك: { رب أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين }، ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين )، ( رب أعني ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر علي وامكر لي ولا تمكر علي واهدني ويسر الهدى إلي وانصرني على من بغى علي )، وكان من دعاءه صلى الله عليه وسلم في الملمات العظيمات: ( حسبنا الله ونعم والوكيل )، فهذا أول أمر وأول مقام تقومينه.
2- إحسان العلاقة بالله والتقرب منه؛ فلا بد لك من بذل جهدك في طاعة الله، فهنالك الصلاة الخمس والمحافظة عليهنَّ في أوقاتهنَّ وخاصة صلاة الفجر، وهنالك رعاية حدود الله عمومًا، وفائدة هذه الخطوة العظيمة تحصيل أمرين اثنين:
الأول: الفوز برضا الله جل وعلا وكفى به مغنمًا.
والثاني: استمداد القوة بالثقة بالله؛ فقلب المؤمن الصالح قلب واثق بالله ومطمئن برحمته مرتكن لعظمته؛ لأنه يستمد قوته من القوي الجبار جل جلاله، فعلى قدر ثباتك وعلى قدر طاعتك على قدر قوة نفسك وصلابة عزيمتك، فاحرص على طاعة الله تحصل خيري الدنيا والآخرة وتجد السعادة الحقيقية بالطمأنينة والسكينة والرضا عن الله، فتأمل هذا المعنى وتدبره.
3- احرص على عدم المبالغة في انتقاص قدراتك؛ فمثلاً خذ هذا المثال:
تأمل كيف استطعت بخمسة أسطر أن تعبر عن مشكلتك ومعاناتك وأن تذكر فوق ذلك مثالاً على هذه المعاناة! فتبارك الله أحسن الخالقين.. إذن فأنت قادر ولديك القدرات ولديك الموهبة فلا تهضم نفسك حقها.
4- احرص على الصحبة الصالحة؛ ونقصد بالصحبة الصالحة،  فإن القرين بالمقارن يقتدي، وقال صلى الله عليه وسلم: ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) رواه أبو داود.
5- عليك بالسعي لتحصيل الأمور النافعة التي تعود عليك بالخير سواء في الدين أو في الدنيا، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ) رواه مسلم.وفائدة هذه الخطوة أن تشعر بأنك  منتج صاحب هدف وغاية، فهذا يقوي من نفسك ويعودك العزيمة الصادقة.
واخيرا اقول ان الإحباط لا يولِّد إلا إحباطاً متكرراً ، وأن النجاح في تحقيق هدف ما لا يُولَّد بالحلول السريعة، بل هو معادلة لناتج جمع الرغبة والعزيمة والتخطيط والاستمرار بالإنجاز. كل ذلك يؤدِّي إلى النجاح، ومكوِّن الإرادة وحده لا يؤدِّي إلى التغيير الإيجابي في الحياة، فهذا المكوِّن هو جزء من تلك المعادلة، والإرادة الحقيقية لا تنبع إلاّ من الحاجات،  كالحاجة إلى الحب، أو تحقيق الذات، فهي التي تدفعك إلى تقوية عزيمتك، وشحذ همتك لتحقيق نجاحات أكثر في حياتك، هذا إذا أرت التخلّص من الضعف الذي أنت فيه، أو تعتقد أنه جزء من شخصيتك.. هذا كرد على تساؤلك!
ولكننا عادة نحن البشر نتفاعل مع ضغوط الحياة بطريقة عكسية، وهي الاستجابة لتلك الضغوط بالاستسلام، وهذا ما قد تمرّ به، أو تعانيه، في هذه المرحلة من حياتك، فالطريق الأول للتغلّب على التوتّر، أو الضغط النفسي، هو تقبُّل الذات كما هي، وتقدير الإنجازات التي تحققت في حياتي، والسعي نحو تحقيق مزيد من تلك الإنجازات، أيضاً يجب أن نتعلَّم جميعاً كيف نتحرَّر من الضغط، أو التوتّر، عن طريق الاسترخاء، أو الرياضة، أو التمتُّع بمباهج الحياة المختلفة.
ابحث عن أهداف حقيقية واقعية، وضعْها في دائرة فعلك حتى تصل إلى هدفك، مهما كان، ولا تركن لحالة الإحباط والضعف، وضع نصب عينيك إنجازاتك التي تحققت، وعش حلمك كأنه يتحقق كل يوم، فالحياة لم تنتهِ بعد. كن واثقاً بقدراتك، واستمتع بالإنجاز.. وبالتأكيد لن تجد الضعف في حياتك.
 

اذا كان لديك مشكلة وترغب فى عرضها على العيادة النفسية

سجل ايميلك لتصلك الاعداد الجديدة من مجلة النفس المطمئنة