رجاء فرصة اخرى

رجاء فرصة اخرى

تليفون في وسط الليل ظل يرن بإلحاح من انسان متألم يرجو ان ارد عليه لكى يطلب مقابلة عاجلة عله يجد حلا لمشكله ملحة تقلق باله وتؤرق حياته . وبعد تحديد موعد عاجل جاء يحمل هموم الدنيا على رأسه ويتكلم بلغة اقرب الى البكاء ، وبعد ان حاولت ان اسرى عنه بدأ في سرد مشكلته التى يشعر بانها مصيبة وقعت عليه من السماء دون ان يعلم لها سببا ولا يرى لها حلا.

  • يا دكتور حياتى انهارت بدون اى سبب ولا ادرى لماذا؟؟؟
  • رجاء تحديد المشكلة حتى استطيع المساعدة.
  •  زوجتى وام اولادى بدون سابق انذار فاجأتنى بطلب الطلاق وتصر عليه بكل شدة ولا تقبل اى حلول وسط ولا تفاهمات.
  •  الم تكن هناك أى مشاكل سابقة من قبل؟
  • كلها كانت مشاكل مثل تلك التى تحدث في كل الاسر وكانت تستغرق بعض الوقت وكنا نتجاوزها بعد فترة من الزمن.
  • اذن المشكلة قديمة وليست مفاجئة.
  •  المشكلة لا تستدعى الانفصال وهدم الاسرة على رؤوسنا جميعا وتشريد الاولاد.
  • هل كان هناك اى بوادر للشقاق من قبل ؟ هل كانت هناك خلافات في المفاهيم والآراء والعلاقات بينكما ؟وفى رأيك ما هى المشكلة الرئيسية التى أدت الى انهيار العلاقات الزوجية بينكما.
  •  ابدأ مجرد اختلاف في الطباع ...أحيانا كنت احتد عليها بالصوت ولكنني أبدا لم استخدم يدى في تأديبها ولكن مجرد بعض الألفاظ...صحيح انها كانت تبكى وتتألم وكنا قد تعاهدنا على عدم استخدام الالفاظ الخادشة للحياء ولكن أحيانا عندما كنت افقد اعصابى- والكل يفقد اعصابه احيانا-  كنت اسبها بألفاظ غير لائقة واحيانا قليلة كنت أسب أباها وأمها .
  • هل كانت تلك المشاحنات تحدث في السر أم أمام الأولاد والأسرة؟
  • الاولاد في سن الطفولة والشباب وأحيانا كنت اثور امامهم وكان في بعض الأحيان ينالون نصيبهم من الثورة والألفاظ وكنت أعاقبهم والغى الخروج وأمنع عنهم التليفزيون وأحيانا أقسو عليهم بالضرب أثناء ثورة الغضب.
  • هل كانت تلك الثورات تحدث كل مدة أم انها متكررة؟
  • ثورات الغضب تحدث مرة او مرتين في الاسبوع ولكننى كنت احاول ارضاؤهم بعدها بأن أخرج وأحضر لهم بعض المأكولات والعصائر وأحاول التسرية عنهم بالمشاركة في مشاهدة الأفلام وأسمح لهم بالسهر معى امام التليفزيون وأحيانا حتى الفجر وكان ذلك سبب من اسباب الخلاف بينى وبين زوجتى التى كانت ترغب في انتظامهم في النوم وعدم الافراط في مشاهدة الأفلام.
  • هل كانت تبادلك الاساءة بالإساءة؟
  • لا هى كانت تحاول كبت انفعالاتها أمام الابناء حفاظا على الصورة الاسرية.
  • وهل كان هناك تباين في الآراء في تربية الأبناء؟
  • زوجتى من النوع الملتزم التى تجعل من الدين كل شيء في حياتها وترفض السهر والأفلام الجريئة وكانت تدخل على وأنا أشاهد بعض الأفلام  التى تحوى مشاهد بها علاقات حميمة وتطلب منى غلق التليفزيون مما جعلنى أحتد عليها أكثر من مرة أمام الأولاد لأنها كانت تقطع عنا الفيلم في وسطه وكانت في بعض الاحيان تتشاجر معى  أمام الأبناء اذا تأخر وقت الصلاة أثناء مشاهدة الفيلم أو ماتش الكرة وكانت دائما تتحجج بان هذا كان شرطا لها قبل الزواج أن يكون هناك التزام وأنا أرى أن هذا تزمت وتشدد أكثر من اللازم.
  • هل تدخل أحد من حكماء الاسرة لحل مشاكلكم من قبل؟
  • نعم تدخل الاهل من طرفى وطرفها عدة مرات ووعدتهم وعاهدتهم بأن أحاول إصلاح ذات البين والا أوجه لها الإهانات أمام الابناء وكانت الأمور تستقر بعض الوقت ولكن كما شرحت لك يا دكتور أنا عصبى بطبعى ولا أقبل التوجيه وكان يظل بيننا خصام يدوم احيانا لعدة ايام كل شهر ولكن كانت  الأمور تسير وهى كانت متفرغة لتربية الابناء.
  • هل كانت أمور الأبناء مستقرة ؟!
  • الخلافات المستمرة أدت إلى توتر الأبناء وبدأت أمورهم النفسية والدراسية تختل وبدأوا يتلفظون ببعض الألفاظ الغير لائقة أحيانا وساء مستواهم الدراسى بالرغم من تلقيهم الدروس الخصوصية .
  • إذن في نظرك ما هو السبب الذى أدى إلى هذا الانهيار الأسرى؟
  • يا دكتور والله لا أرى أن المشكلة بهذا الحجم وأنا وعدت بأنى سوف أصلح نفسى وطلبت فرصة أخرى حتى أعيش مع زوجتى التى أحبها بشدة وأولادى الذين لا استطيع التخلى عنهم ولكنها ترفض بكل شدة وتقول أنها استخارت الله ولا أدرى لماذا هذا التعنت منها وأهلها يرفضون التدخل لإصلاح المشكلة.

******

كانت هذه عينة من المناقشات التى تدور في العيادات النفسية تلخص مشاكل الأسر التى تتعرض للانهيار ويفوق الاب أو الأم بعد فوات الأوان وتحوّل المشاحنات الى جفاء وبغض وكراهية ونفور يؤدى في النهاية للانفصال والطلاق.

والزواج سنة من سنن الله يبنى على معنى هام وهو المودة والرحمة وإذا إنهار هذا المعنى الاسلامى العظيم إنهارت معه كل أسس الزواج.

والمودة: المحبة، والرحمة: الشفقة ، والحق أن منْ يتبع الشرع ويرضى بحكم الله.. لا يمكن بحال أن يتجرّد من الأمرين كليهما معاَ! فحتى لو انتفت عاطفة الحب (بمعناها القاصر بين الناس!)؛ تبقى عاطفة الرحمة أساساً صالحاَ لبقاء البيت والعلاقة، مع الصبر والاحتساب، وخشية الله وتقواه في حق كل منهما على الآخر، وحق أولادهما عليهما!وهنا ننبه الى أهمية الاحترام المتبادل بين الزوجين كأساس هام في العلاقات الانسانية وبالأخص الزوجية.

قال تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]. فالذي يتأمل هذه الآية يدرك أهمية العطف والرحمة والمودة بين الزوجين، ويدرك أيضاً أن الله وضع لنا طريقاً للنجاح والشفاء والسعادة في حياتنا الزوجية، وهو أن نسلك طريق المودة والرحمة.

وطالما بقيت المودة والتعاطف والتراحم بين الزوجين كانت الحياة سعيدة وهادئة، وبمجرد غاب هذين "المؤشرين" عن المنزل اختفت السعادة وانقلبت الحياة إلى جحيم لا يُطاق. 

اذا كان لديك مشكلة وترغب فى عرضها على العيادة النفسية

سجل ايميلك لتصلك الاعداد الجديدة من مجلة النفس المطمئنة