النواحي النفسية للاضطرابات الجنسية

النواحي النفسية للاضطرابات الجنسية

ان رد الفعل العصبي المسئول عن زيادة الإمداد الدموي للأعضاء التناسلية هو الأساس الذي يقوم عليه الانتصاب عند الرجل, وكذا إفراز السوائل الجنسية المرطبة في الأنثى استعدادا للقاء الجنسي. وتعتمد الوظيفة الجنسية على تناسق وتناغم بين الجهازين العصبيين اللاإراديين السيمبثاوى والجارسيمبثاوى حيث يقوم الأول بعملية الارتخاء عقب إفراغ الطاقة الجنسية بينما الثاني هو المسئول عن الانتصاب والقذف.

المراكز المسئولة عن النشاط الجنسي في الإنسان

تأتى التغذية العصبية للجهاز السيمبثاوى من النخاع الشوكي ممتدة من القطع العصبية الصدرية الثانية عشرة وحتى القطعة القطنية الرابعة. أما الجهاز الجارسيمبثاوى فتأتى تغذيته العصبية من القطع العصعصية الثانية والثالثة والرابعة للنخاع الشوكي.

أما مراكز المخ المسئولة عن النشاط الجنسي فى الإنسان. فيؤكد العلماء أن الجزء الداخلي للنواة الخلفية الداخلية لمهاد المخ (Medial part of the medial dorsal nucleus of the thalamus). وأيضا المنطقة الداخلية للحاجز القبل بصري(Medial septo-pre-optic region).

وهذه المناطق هي المسئولة عن الانتصاب عند الرجال بينما المراكز المسئولة عن إفراز السوائل الجنسية المرطبة فى الإناث يختلف فيها العلماء!.

تفسير المتعة الجنسية عند الإنسان

يمكن التعبير عن الشبق الجنسي أو اللذة الجنسية عند الإنسان أنه هو الإحساس بمجموعة من ردود الأفعال العصبية التي تتم على مستوى النخاع الشوكي وتتوقد ردود الأفعال هذه عندما تصل الإثارة الجنسية الى حد معين……

ففي الرجال نتيجة الاحتكاك اللمسى بالتفاعل مع المؤثرات البصرية والنفسية للجنس يحدث الانتصاب كرد فعل عصبي على مستوى النخاع الشوكي العصعصى.أما المؤثرات الجنسية المسئولة عن القذف فتسافر عن طريق عصب بيدندال (Pudendal nerve) الى النخاع الشوكي العصعصى وعندما تصل الإثارة الجنسية إلى حد معين يحدث انقباض لكل من الوعاء الصادر, البروستاتة, والحوصلة المنوية مما يؤدى إلى قذف المنى في قناة مجرى البول. وينبه المنى انتفاخا في قناة مجرى البول (Uretheral bulb) فيؤدى ذلك إلى غلق عنق المثانة (Bladder neck) مانعا الارتداد الخلفي للمنى ويؤدى أيضا إلى انقباض اهتزازي في العضلات المحيطة بالأعضاء التناسلية (Perineal muscles) وكذلك العضلات المحيطة بقناة مجرى البول مما يؤدى إلى قذف المنى. وتحدث المتعة الجنسية عندما تصل الإشارات العصبية من عصب بيدندال إلى مهاد المخ ثم إلى القشرة المخية الحسية (Pudendal nerve→ Thalamus→ Sensory cortex) وهنا يشعر الرجل باللذة الجنسية أو هزة الجماع.

أما في الأنثى فتصل الإشارات الجنسية إلى النخاع الشوكي العصعصى عن طريق عصب بيدندال أيضا ويرتد رد الفعل الوارد إلى المبايض (Ovaries) وقنوات فالوب (Fallopian tubes) والرحم (Uterus) محدثا انقباضا اهتزازيا بهذه الأعضاء وعندها تصل الأنثى إلى مرحلة الشبق جراء الإحساس المنبعث من هذه الاهتزازات والواصل الى الفصيص الجار مركزى للمخ (Paracentral lobule).


دور الناقلات الكيميائية في النشاط الجنسي

وهناك أدلة قائمة على الدور الذي تلعبه الناقلات الكيميائية فى النشاط الجنسي في الإنسان وعلى وجه الخصوص الدوبامين والسيريتونين (Dopamine and Seretonin) حيث أوضحت الدراسات أن العقاقير التي تزيد من نشاط الدوبامين بالمخ (Dopamine agonists) تقلل كثيرا من الحد الأدنى للانتصاب والقذف وتؤدى الى زيادة حساسية النشاط الجنسي فى الإنسان. بينما العقاقير التي تقلل من نشاط السيريتونين (Seretonin antagonists) تزيد من النشاط الجنسى للإنسان.

علاقة النشاط الجنسي بالغدد الصماء

تتضح العلاقة بين النشاط الجنسي ونشاط الغدد الصماء في الرجال عقب الدراسات التي أجريت على بعض الرجال بعد إزالة الخصيتين أو الرجال الذين يتناولون العقاقير المضادة للهرمونات الذكرية (Anti-androgens) حيث يؤدى ذلك إلى فقدان الرغبة الجنسية وعدم القدرة على القذف. أما الانتصاب فقد يبقى غير متأثر بدرجة كبيرة.

وهكذا يتضح أن مستوى الأندروجينات في الدم يلزم كثيرا للنشاط الجنسي متمثلا فى الرغبة الجنسية والقذف عند الرجال.

ومن الطريف أن النشاط الجنسي لا يتناسب طرديا مع مستوى الأندروجينات في الدم فقد أوضحت بعض الدراسات أن هناك حد معين يجب الوصول إليه من مستوى هذه الهرمونات بينما الزيادة عنه لا تؤثر كثيرا فى زيادة النشاط الجنسي عند الرجال.

أما في الأنثى فمن الطريف أيضا ان تتناسب الرغبة الجنسية مع مستوى هرمونات الذكورة وليس هرمونات الأنوثة (Estrogen and Progesterone) اللذان يلزمان لحدوث الدورة الشهرية وتعاقبها عند الإناث.

أما الهرمون الأخير فهو البرولاكتين (Prolactin) والذي تؤدى زيادة منسوبه في الدم إلى نقص الرغبة الجنسية عند الرجال والإناث على حد السواء.

الاضطرابات العصبية والضعف الجنسي في الإنسان

(1) التصلب المتناثر  Multiple sclerosis:

وهو مرض له أصل وراثي ومناعي ويتميز بالتهابات بالأعصاب المركزية بالمخ والنخاع الشوكي وأيضا بالأعصاب الدماغية وأهمها العصب البصري (Optic nerve) ثم يحدث فقد للغشاء المحيط بالعصب وهو المسئول عن توصيل السيال العصبي (Myelin sheath) مما يفقد العصب وظيفته.

وفى التصلب المتناثر يحدث نقص في الرغبة الجنسية وكذا الإحساس الجنسي والاستمتاع في كل من الجنسين ويقل كذلك الانتصاب عند الرجال. وتحدث هذه الاضطرابات الجنسية في 26-90% من المرضى وذلك بسبب الإصابات الباثولوجية الحادثة في المخ والنخاع الشوكي مع العلم أن زيادة النشاط الجنسي قد لوحظت فى بعض المرضى الذين تمتد الإصابة بهم الى الفص الأمامي والجانبي للمخ (Frontal and parietal lobes).

(2)   مرض السكر Diabetes Mellitus:

ويصحب مرض السكر نقص في الانتصاب ملحوظ والى حد ما تحدث اضطرابات بالقذف عند الرجال. وتنتج هذه الاضطرابات من حدوث إصابات للأعصاب الطرفية للجهاز العصبي اللاإرادي. أما في الأنثى فيحدث نقص في إفراز السوائل الجنسية المرطبة وخصوصا فى مرض السكر المعتمد على الأنسولين (Insulin dependent Diabetes Mellitus).

(3)إصابات النخاع الشوكي    Spinal cord lesions:

وهو واحد من أهم الأسباب المؤدية الى الاضطرابات الجنسية عند الرجال.

ففي إصابات النخاع الشوكي العنقية والصدرية العلوية تتأثر وظائف القذف أكثر. وعلى حسب المستوى فان الانتصاب القائم على رد الفعل العصبي قد يبقى سليما عقب الإثارة الموضعية أو النفسية ويحدث هذا في الإصابات الهرمية الكاملة(Complete pyramidal lesions) وخصوصا فى الرجال المصابين بالمنطقة العنقية. وقد يبقى الانتصاب كرد فعل لمؤثرات نفسية سليما مع حالات الإصابة تحت القطعة الشوكية التاسعة من النخاع الشوكي الصدري.

أما في الأنثى فان الإفرازات الجنسية المرطبة تختفي بينما تبقى القدرة على الإنجاب سليمة.

(4)  مرض الصرع   Epilepsy:

وتحدث الاضطرابات الجنسية في مرض الصرع إما في أثناء النوبات الصرعية أو فيما بينها على هيئة عواطف وأحاسيس جنسية خاطئة في مناطق الأعضاء التناسلية أو قد يحدث التجوال الجنسي (Sexual automatism) وخصوصا فى نوبات الصرع من النوع المعقد نوعا(Partial complex seizer) وذلك عندما تمتد البؤرة الصرعية الى الفص الصدغي للمخ (Temporal lobe).

وفى مرض الصرع فان الاضطرابات الجنسية ما بين النوبات الصرعية هي الأكثر شيوعا. ورغم أن الشذوذ الجنسي أو زيادة النشاط الجنسي قد يحدث في بعض المرضى إلا أن الضعف الجنسي هو الأغلب. ويفسر بعض العلماء ذلك الضعف الجنسي فى مرض الصرع أن مضادات الصرع وخصوصا الكاربامازيبين (Carbamazepine) ترتبط بهرمون الذكورة في الدم وتقلل من نشاطه كثيرا وهكذا تقل الرغبة الجنسية.

والسؤال الذي يطرح نفسه إذا كان هذا هو السبب فى الضعف الجنسي, فلماذا لا تتحسن الأعراض عندما يتناول المرضى هرمونات الذكورة كعلاج للضعف الجنسي؟.

(5) الشلل الرعاش    Parkinsonism:

نلاحظ زيادة بالنشاط الجنسي على مرضى الشلل الرعاش ويعزى ذلك الى تناولهم أدوية ترفع من نشاط الدوبامين بالمخ مثل سينيمت (Sinemet).

(6) السكتة الدماغية  Cerebral stroke:

تؤدى السكتة الدماغية إلى ضعف النشاط الجنسي لأسباب كثيرة منها الأدوية المخفضة للضغط, نقص تفاعل الشريك الآخر, عدم القدرة على الحركة وقد يكون السبب هو تأثر بعض المناطق بالمخ بسبب نقص الإمداد الدموي لها.

(7)  حوادث الرأس   Head trauma:

وقد تؤدى إلى إصابة بعض المناطق بالمخ وعلى ذلك تؤدى إلى ضعف النشاط الجنسي إلا أن بعض الإصابات في منطقة الفص الصدغي للمخ قد تؤدى إلى زيادة النشاط الجنسي. وقد يحدث الضعف الجنسي في حوادث الرأس بسبب إصابة المسار الهرمونى الممتد ما بين الغدة النخامية وتحت المهاد (Hypothalamo-Pituitary axis).

(8)  خبل الشيخوخة    Dementia  :

ويؤدى هذا المرض إلى ضعف الانتصاب إلا أنه قد يؤدى إلى زيادة النشاط الجنسي كنوع من الاضطرابات السلوكية المصاحبة لهذا المرض.

الاضطرابات النفسية المصحوبة باضطرابات جنسية

 1) مرض الاكتئاب  (Depressive disorder):

يؤدى هذا المرض إلي نقص شديد في الرغبة الجنسية وكذا الانتصاب. ويعزى ذلك إلى فقدان الإحساس بمتعة الأشياء (Anhydonia) المصاحبة لهذا المرض.

2) مرض القلق (Anxiety disorders):

ويؤدى هذا المرض إلى نقص الرغبة الجنسية أو القذف المبكر وذلك بسبب نشاط الجهاز السيمبثاوى المثبط للنشاط الجنسي. أو قد يؤدى القلق إلى زيادة الرغبة الجنسية لحد كبير وذلك في الحالات المصحوبة بأفكار جنسية متسابقة ووساوس قهرية مصاحبة لمرض القلق.

3) مرض الهوس (Mania):

يؤدى هذا المرض إلى زيادة النشاط الجنسي من أفكار وأفعال وإيماءات جنسية وقد يؤدى إلى تعدد في الممارسات الجنسية كنوع من زيادة النشاط العام والاندماج في المتع واللذات المصاحب لمرض الهوس.

4) مرض الفصام (Schizophrenia):

يؤدى هذا المرض إلى ضعف الرغبة الجنسية وكذا الانتصاب وذلك كنوع من الانعزالية عن العالم والتوحد الفكري والتبلد العاطفي المصاحب للفصام.

5)  فقدان الشهية العصبي

وفقدان الشهية العصبي (Anorexia nervosa) مرض يصيب المراهقات ويتميز بالرغبة الجامحة الى إنقاص الوزن ويصاحبه اضطراب فى الإدراك فدائما ما ترى البنت نفسها بدينة وفى حاجة الى إنقاص الوزن برغم الفقدان المستمر فى وزنها وتدهور صحتها العامة. وتميل البنت في هذا المرض الى الاكتئاب ومقاومة الشعور بأنها صارت بالغة ناضجة خائفة من تبعات الأنوثة والأمومة. ومن هنا فهي لا تميل الى أي نوع من الممارسات الجنسية التي ستذكرها أنها أنثى ناضجة.

6)  اضطراب الشخصية الحدي (Borderline personality disorder):

ويندمج المريض في العلاقات الجنسية السطحية مع الجنس الآخر ويكون المريض تائها في علاقاته العاطفية ما بين التقديس والاحتقار لنفس الشخص المحبوب وقد يؤدى هذا الصراع الى أعراض هوسية تكون مصحوبة بزيادة الرغبة  و الممارسات الجنسية الحقيقية.

علاج الاضطرابات الجنسية

(1)    العلاج بالعقاقير:

هناك أدلة قائمة على استجابة اضطرابات الانتصاب وسرعة القذف للعلاج.ومن أمثلة هذه العقاقير المستخدمة في علاج سرعة القذف تيوريدازين بجرعة صغيرة (Thioridazine) كلوميبرامين (Clomipramine) ولورازيبام (Lorazepam).

أما مادة اليوهيمبين (Yohimbine) فهي تمثل علاجا لاضطرابات الانتصاب لأنه يمتلك تأثيرا على الجهاز السيمبثاوى كمضاد لمستقبلات الأدرينالين (Presynaptic alpha2 blocker).

أما الأدوية التي تزيد من نشاط الدوبامين مثل بيرجوليد (Pergolide) وليفودوبا (Levodopa) والأدوية المضادة لمستقبلات الأبيويد(Opioid receptors) مثل أبومورفين (Apomorphine) فيمكن استخدامهم فى علاج اضطرابات الانتصاب والرغبة.

(2)    العلاج النفسي:

وتعتمد هذه الطريقة العلاجية السلوكية على تقليل القلق والتوتر في العلاقة الجنسية بين الزوجين خاصة إذا كان الضعف الجنسي أو غياب الرغبة والاستمتاع هو رمز وتجسيد لتوتر أو إحساس بالكره والاضطهاد من أحد الزوجين أو كليهما. ويتم تدريس العلاقة الزوجية في جلسات متعاقبة على أنها نوع من الوحدة العاطفية في مكان وظروف مناسبة لكلا الزوجين. ويبدأ المعالج النفسي أولا فى تنمية الحواس الجنسية من اللمس والرؤية والشم والسمع ثم يزيل الحواجز العاطفية بينهما تدريجيا ويلفت نظرهم إلى الطقوس الجنسية البسيطة التي تطلق الخيال وتحرر الإنسان من مشاكله المحيطة. وهكذا تقل حدة القلق الجنسي تدريجيا وتبرر الاحباطات السابقة بأنها كانت نتيجة الممارسة الخاطئة والانغماس في الصراعات الزوجية. ويتدرج المعالج مع الوقت بهم وحتى العلاقة الجنسية التامة

اذا كان لديك مشكلة وترغب فى عرضها على العيادة النفسية

سجل ايميلك لتصلك الاعداد الجديدة من مجلة النفس المطمئنة